800 مليار دولار تنوي الحكومة السعودية مصادرتها في شكل أموال نقدية وأصول أخرى، في إطار الحملة التي تشنها بدعوى مكافحة الفساد، حسبما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، عما وصفتها بمصادر مطلعة.
وذكرت الصحيفة الأميركية المعنية بالشؤون المالية، أن دائرة حملة الاعتقالات الأخيرة التي نفذتها الحكومة لتنظيف البلاد من مزاعم بالفساد تشوب النخبة في المملكة آخذة في التوسع.
الاعتقالات التي بدأتها السلطات السعودية، يوم السبت 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، طالت عدة رجال أعمال بارزين وأكثر من 60 من الأمراء والمسؤولين وغيرهم من الشخصيات البارزة، حسبما أفادت مصادر الصحيفة.
أما بنك البلاد المركزي، مؤسسة النقد العربي السعودي SAMA، فقد قال في بيان له مساء الثلاثاء، 7 نوفمبر/تشرين الثاني، أنه جمّد أرصدة وحسابات "أشخاص معنيين"، وجاء أيضاً في البيان أن الخطوة جاءت "استجابة لطلب من النائب العام، ريثما يتم النظر في الدعاوى القضائية ضدهم".
تُقارب حجم ديون العرب جميعاً
حملة الملاحقات التطهيرية هذه وسط نخبة المملكة هي الأوسع والأكبر في تاريخ البلاد المعاصر.
وكان ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان بن ملك البلاد، قد عُين ولي عهد العرش، في شهر يونيو/حزيران 2017، وهو منذ ذلك الحين ماضٍ في إحكام سيطرته على زمام القوة، حيث قال إن مكافحة الفساد على أعلى المستويات هو أمر ضروري لإصلاح البلاد، المعتمدة على النفط منذ أمد بعيد.
لكن حملة مكافحة الفساد هذه من شأنها كذلك أن تعمر خزائن الدولة، فالحكومة السعودية قالت إن الأصول التي راكمها الفساد ستصادرها الدولة، حيث قال مطَّلعون على الأمر إن الحكومة تقدر قيمة هذه الأصول التي ستضع عليها يدها بحوالي 3 تريليونات ريال سعودي. أي ما يعادل 800 مليار دولار.
وذكر أحد تلك المصادر المقربة من الدولة "في تقديرهم أنه يمكن الحصول على 2 إلى 3 تريليونات ريال من هؤلاء، فهذا هو الرقم المتداول حالياً".
وتقارب هذه الأموال التي يستهدف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مصادرتها قيمة إجمالي ديون جميع البلاد العربية الخارجية، التي بلغت في عام 2016 نحو 923.4 مليار دولار، حسب تقرير صادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، نشره موقع "آر تي " الروسي.
ماذا سيفعلون بالأموال الموجودة خارج البلاد؟
لكن معظم تلك الأموال خارج البلاد، ما سيعقد المساعي للحصول عليها واسترجاعها إلى كنف الدولة، حسبما قالت المصادر المطلعة.
بيد أن الحصول على جزء ولو بسيطاً منها من شأنه مساعدة اقتصاد السعودية، فانخفاض أسعار النفط الذي طال أمده قد أجبر السعودية على استدانة الأموال من سوق السندات الدولية، بل دفعها أيضاً للسحب من احتياطياتها الأجنبية للنقد، التي انخفضت من 730 ملياراً حينما كانت في الأوج عام 2014، لتصل في شهر أغسطس/آب الماضي، إلى 487.6 مليار، حسبما تظهره آخر البيانات الرسمية المتوفرة.
الأمر بشنِّ حملة الاعتقالات أصدرته لجنة مكافحة الفساد التي شكلت حديثاً برئاسة الأمير محمد نفسه.
وقد قالت مجموعة أوراسيا لاستشارات الخطورة السياسية، يوم الإثنين 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، إن ولي العهد "بحاجة إلى الأموال النقدية (الكاش) لتمويل خطط الحكومة الاستثمارية، ويتضح تدريجياً أن ثمة حاجة إلى عائدات إضافية لتحسين أداء الاقتصاد؛ فالحكومة سوف تبرم كذلك صفقات مع رجال الأعمال وأفراد العائلة المالكة، بغية تلافي اعتقالهم، لكن ذلك لن يكون إلا ضمن التزام أكبر نحو الاقتصاد المحلي".
وقالت الصحيفة الأميركية إن متحدثين باسم الحكومة السعودية لم يستجيبوا حينما طُلب منهم الإدلاء بتعليق يوم الثلاثاء، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
ويوم الثلاثاء سعى وزير التجارة والاستثمار ماجد القصبي ليؤكد للقطاع الخاص أن تحقيقات الفساد لن تعرقل التعاملات التجارية الاعتيادية، وقال إن عمليات وإجراءات التحقيق التي تتولاها لجنة مكافحة الفساد لن تعيق المشاريع ولا التعاملات الجارية.
وأما البنك المركزي (مؤسسة النقد السعودية) فقال في بيانه، يوم الثلاثاء، إنه تم تجميد أرصدة شخصية لا حسابات شركات بأكلمها "فالشركات والبنوك يمكنها العمل بشكل عادي".
وأرسلت مؤسسة النقد قائمةً بمئات الأسماء للبنوك الدائنة، تطالب فيها بتجميد أي أرصدة تخصهم حسبما أفادت به مصادر الوول ستريت جورنال، حيث قال مسؤول سعودي "ما هذه إلا مراحل مبدئية تسبق إما تجميد الأصول وإما الاعتقال، ومن المنتظر أن يطال مسار التحقيقات المزيد من الأسماء".
منع من السفر
وكانت الحكومة في وقت سابق من هذا الأسبوع قد تعهَّدت باعتقال المزيد ضمن حملة تحقيقات الفساد التي بدأت قبل 3 أعوام.
وكإجراء احترازي منعت السلطات عدداً كبيراً من الأشخاص من مغادرة البلاد، منهم مئات الأمراء من الأسرة الحاكمة، ومن لهم صلة بالموقوفين، حسبما أفاد المطلعون. لكن الحكومة لم تصرح رسمياً بعدُ بأسماء الموقوفين.
لكن المفهوم أن قائمة الموقوفين ضمت الملياردير الأمير الوليد بن طلال، وهو من أشهر أفراد العائلة المالكة وأحد المستثمرين في كبريات الشركات، مثل آبل وتويتر ومجموعة Citigroup Inc. حيث يواجه الوليد اتهامات بغسيل الأموال والرشاوى والابتزاز، حسب أقوال مسؤول سعودي رفيع، بيد أن متحدثاً باسم الأمير الموقوف لم يستجب حينما طلب منه التعليق.
وحسبما قال مطلعون على عملية التحقيقات، فإن الموقوفين في نهاية الأسبوع الماضي شملوا بكر بن لادن، رئيس شركة بن لادن العملاقة للبناء والتعمير، ولم يستجب كذلك المتحدث باسم المجموعة حينما طلب منه التعليق.
وكانت مجموعة بن لادن، الأكبر في منطقة الخليج العربي للبناء والتعمير، قد ازدهرت في سنوات الأوج النفطي للمملكة، حينما غدت شركة البناء المفضلة لدى الحكومة، بظفرها بعقد ثمين لتوسعة الحرم المكي الشريف.
أما المصادر المطلعة على التحقيقات فقالت إن بن لادن يواجه اتهامات بالرشوة على صلة بذلك المشروع.
Enregistrer un commentaire